"الوحدة هي اللعنة الكبرى التي تظلّل حياة الكاتب. قبل زمنٍ قصير كتبتُ اثنتي عشرة رواية متتابعة، وأربعة عشر مقالًا في مجلة. فعلتُ ذلك بدافعٍ من الوحدة".
الروائيّ الأمريكي فيليب كيه ديك
ربّما تكون الكتابة إحدى أكثر مسالك الحياة وحدة ووحشة، فحتّى أكثر المؤلّفين انفتاحًا وإقبالاً على الحياة الاجتماعية، لا ينجز عمله إلاّ بالجلوس وحيدًا لساعات طويلة، مع ذلك، قد تدهشك معرفة أنّ فيليب كيه ديك لم يكن وحيدًا تمامًا، إذ لازمه رفيقٌ ما يزيد عن عشرين عامًا! وقد تزول دهشتك إذا علمتَ أنّ هذا الرّفيق هو راسيل غين، وكيله الأدبي الّذي أهدى إليه فيليب روايته VALIS، بعد أن قضى ما يزيد عن سبع سنوات عاجزًا عن إنهائها، حتّى إذا بدءا العمل معًا اقترح عليه راسيل نهاية مرضية أتاحت لهما النّشر.
من هو الوكيل الأدبي؟
يعرّف موقع writers.com الوكلاء الأدبيّون على أنّهم «من يعملون على تقديم المخطوطات المتميّزة إلى الناشرين المحتملين، ورغم أنّ دورهم الأساسي هو بيع الكتب والتفاوض على العقود، فإنّ الوكيل الأدبي يمكن أن يكون أيضًا مصدر تحفيز الكاتب، وأوّل محرّريه، وأكبر داعميه».
بيد أنّ هذا الدّور يكاد يكون منعدمًا في سوق النّشر العربي، الّذي يجد الكاتب فيه نفسه وحيدًا منذ البداية وحتّى توقيع عقده مع النّاشر. أن تكون كاتبًا عربيًا، يعني أن تختبر مرّة بعد الأخرى شعور الحاجة إلى رفيقٍ مخلص ينصتُ إلى أفكارك ويتحدّاها، ويقرأ باهتمامٍ مخطوطاتكِ ويعلّق عليها، فكيف إذا تكفّل هذا الرّفيق بتأمين صفقة مع دار النّشر والتعاقد معها.
نريد في المشهد الأوّل، أن نكون هذا الرّفيق، لنصطحب الكاتب العربي في رحلةٍ متكاملة تمتدّ عبر ستة مراحل نستعرضها في ما يلي:
قبل الكتابة
لأنّنا نؤمن بأنّ كلّ خطوة في البداية تنعكس على المآل الأخير للعمل، فإنّ رحلتنا تبدأ بمراجعة الفكرة والمخطّط والحبكة المبدئية، فنعمل مع الكاتب على إيجاد الثغرات المنطقية والسردية، ونفتح الحوار الذي يُجنّبه عثراتٍ كثيرة في المراحل التالية.
وإذ ندرك أنّ الكتابة السرديّة فنّ يتشابك مع مهاراتٍ لغويّة وبنيويّة ونفسيّة واجتماعيّة، وأنّ الكتّاب يتفاوتون في امتلاك هذه المهارات، فإنّ دورنا أن نضيء لهم مكامن القوّة ليستثمروها، ونوجّههم إلى موارد مقروءة أو مسموعة أو مرئيّة تساعدهم على سدّ نقاط الضعف وصقل التجربة.
المسوّدة الأولى
قد تبدو هذه المرحلة مربكة ومرهقة، خاصّة للكاتب في تجربته الأولى. مهمّتنا هنا أن نُيسّر عليه الطريق بوضع أهدافٍ معقولة، والحفاظ على تركيزه، وتشجيعه على الوصول إلى الغاية الأهم: إتمام المسوّدة. أمّا الملاحظات والتوجيهات المفصّلة فنحتفظ بها إلى حين الشروع بمرحلة إعادة الكتابة والتحرير.
إعادة الكتابة والمراجعة والتحرير
هذه أطول مراحل الرّحلة وأشدّها متعة، إذ أثبت الكاتب لنفسه أنّه قادر على إنجاز عملٍ كامل مهما كانت نقائصه وعيوبه. في هذه المرحلة لا نهدف مطلقًا لاستبدال قلم الكاتب بأقلامنا، ولا التأثير سلبًا على أصالة روحه، بل أن نقدّم ملاحظاتٍ موضوعيّة ما استطعنا، الهدف منها استخراج أحسن ما في الكاتب لينعكس هذا على جودة ونضج المخرج النهائي.
التحرير النهائي وإعداد العمل للنشر
حين يقترب النصّ من محطّته الأخيرة، نساعد في جوانب التحرير اللغوي والأدبي إن لزم، ونعتني بتنسيق المخطوط وتنظيمه. كما نُعدّ ملخّصًا للرواية يصلح لتقديمه إلى دور النشر، ونقدّم مقترحاتٍ بصريّة للغلاف (ألوان، خطوط، طابع عام) لتكون عونًا للكاتب ودار النشر في صياغة الهوية البصريّة للكتاب.
الوساطة مع دور النّشر
قريبًا
الترويج وخدمات ما بعد النشر
قريبًا